mardi 10 avril 2018

أنامل نسائية تحوّل المهملات المنزلية إلى تحف إبداعية بفاس

ما أن تتوغل داخل الحي الحسني بفاس، الذي يعد واحدا من أكثر الأحياء الشعبية بمنطقة بندباب، حتى تطالعك على رصيفي أحد ممراته الضيقة عجلات مطاطية تمت صباغتها بألوان زاهية وحولت إلى مزهريات تزينها أشجار خضراء مشكلة لوحة إبداعية تبهر المارة وزوار الحي.
هذا الممر يوصل مباشرة إلى مقر جمعية فن التدوير البيئية، التي تشرف على تكوين عدد من نساء وفتيات الحي الحسني فن تدوير المهملات المنزلية وتعلمهن طريقة تحويل هذه النفايات إلى أعمال فنية يمكن بها تزيين غرف البيت وشرفات المنازل وأزقة الحي.

ويشرف على تنشيط ورشات الجمعية أطر شابة، أجمعت على أن عددا كبيرا من ما يتم التخلص منه من نفايات، كقطع الكرطون والقماش وقنينات البلاستيك، يمكن لربات البيوت وبناتهن أن يحولنها إلى لوحات فنية جميلة لتزيين أركان بيوتهن، كما يمكن لهن أن يصنعن منها أدوات تستغل في الحياة اليومية.
تحف بأنامل نسائية
يضيق مقر جمعية التدوير البيئية بالحي الحسني بفاس، الذي تزين جدرانه الداخلية تحف فنية صنعت من المهملات، بالكثير من القارورات البلاستيكية وقطع الكارطون والجرائد، مهملات تنهمك رائدات الجمعية في تحويلها إلى تحف وأغراض مبتكرة، وهن يحطن في مجموعتين بطاولتين وضعن عليهما أدوات اشتغالهن البسيطة.

وبينما اشتغلت أنامل المجموعة الأولى بصنع حاملات أوراق المناديل وواقيات شمس كارطونية انطلاقا من صفحات الجرائد وقطع الكرطون والمجموعة الثانية بتشكيل سلل ذات حلة فنية يمكن استعمالها للزينة أو لوضع بعض الأغراض الشخصية الخفيفة داخل البيت، كان أحد أعضاء الجمعية جالسا في ركن منزو داخل مقر الجمعية على مقعد مصنوع من العجلات المطاطية، وهو بصدد تحويل قارورات بلاستيكية إلى مزهريات ذات ألوان أخاذة.
"هذه الجمعية فتحت لنا فرصة لإخراجنا من الملل الذي كنا نعيشه داخل منازلنا، كنا لا نجد ما نفعله، وقد تعلمنا صنع عدة أشياء جميلة من المهملات، أصبحنا نستغل وقتنا فيما يفيد"، توضح الشابة فاطمة الزهراء العيش، واحدة من رائدات الجمعية، والتي أبرزت لهسبريس أن المواد الأولية التي تشتغل عليها نساء الجمعية بسيطة، وهي ما يتم التخلص منه في القمامة.

أما عتيقة الوافي، ربة بيت، والتي ذكرت أن نساء الحي الحسني بفاس أصبحن يقضين وقتهن في ورشات الجمعية، فقد أضافت   قائلة: "نصنع عدة ديكورات انطلاقا من المهملات.. ما يريد أن يتخلص منه الإنسان من منزله نحوله إلى أشياء جميلة ومفيدة، فقط، نحن نطمح إلى أن يكون لنا فضاء لعرض منتوجاتنا ليكون لنا دخل مما تصنعه أناملنا، حتى نساعد أسرنا".

للمدارس والسجون نصيب
"جمعيتنا متخصصة في المجال البيئي الاقتصادي، وبفضل أعضائها ومنخرطيها استطعنا الابتكار في المجال البيئي بطرق فنية"، يوضح أنوار رزق الله، رئيس جمعية فن التدوير البيئية، مبرزا لهسبريس أن هدف جمعيته هو "أولا خلق ثقافة بيئية عند الأطفال، وثانيا تعليم نساء الحي، غير العاملات، فن تدوير النفايات، أملا في أن يبادرن إلى صناعة هذه الابتكارات في منازلهن".
رزق الله أوضح أن جمعيته تتشبث بالاشتغال في الأحياء الشعبية، موردا أنه كانت هناك طلبات لإحداث الجمعية في أحياء راقية؛ "لكن نحن نؤمن بالعمل داخل مثل هذه الأحياء المهمشة، ونحن مصرون على تمرير هذه الثقافة في مثل هذه الأوساط الاجتماعية الهشة، حيث تعاني النساء من الفقر والبطالة".

رئيس جمعية فن التدوير البيئية بفاس أكد أن جمعيته تطمح إلى أن يشكل فن تدوير المهملات للنساء الفقيرات بالأحياء الشعبية مصدرا مدرا للدخل، من خلال إنتاج ابتكارات يمكن أن تجد لها طريقا إلى المستهلك، مضيفا بالقول: "جمعيتنا تأسست في 2015، وهي تلقى، بشكل متزايد، إقبالا من لدن نساء وفتيات الحي. كما أن جمعيتنا، بالرغم من أنها حديثة العهد، فقد تمكنت من المشاركة في كوب 22".
وأوضح أن جمعية فن التدوير البيئية منفتحة، كذلك، على المؤسسات التعليمية والمؤسسات السجنية بمدينة فاس، حيث نظمت ورشات في عدد من المدارس "لتمرير الثقافة البيئية للأجيال الصاعدة، والتي هي ثقافة ما زالت، مع الأسف، دون المستوى المطلوب بالمغرب"، وكذا القيام بأنشطة تكوينية إدماجية في صفوف السجناء.
"استطعنا القيام بأنشطة داخل المؤسسات السجنية، حيث كانت لنا تجربة متميزة قبل عام، وحاليا نقوم بتكوين وإدماج السجناء في المجال البيئي بالسجن المحلي لراس الماء"، يوضح رئيس جمعية فن التدوير البيئية، والذي ذكر أنه تم قبول طلب تقدمت به جمعيته في هذا الموضوع، مضيفا قائلا لهسبريس: "استطعنا إدخال هذه الثقافة إلى المؤسسات السجنية، ونحن نتمنى أن نسير بهذه الثقافة بعيدا بالرغم من إمكاناتنا البسيطة، وإذا تعممت ثقافة تدوير النفايات في المغرب سنسهم بشكل كبير في حماية بيئتنا".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire